ما هو الوهن

تستمد الدولة الإسلامية قوتها من قوة أفرادها و عزيمتهم و تقاس عزتها و منعتها بروح العزيمة و الأنفة و القوة في نفوس أفرادها و بمدى تمسكهم بدينهم و بقيم مجتمعهم و بأحكام شريعتهم لتتحقق الغاية من الاستخلاف الربّاني على هذه الأرض بإعمارها و عبادة الله سبحانه عليها و مظاهر الإستخلاف في الأرض و التمكين هو إقامة ما افترضه رب العزة على العباد من إقامة الصلاة و سائر الشعائر و الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر و نشر دعوة الله التي جاءت لإخراج البشرية من الظلمات الى النور ، قال تعالى :" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور " صدق الله العظيم .

و حين تتمسك الأمة بدينها فتدرك أن أسباب عزّتها لا تتحقّق إلاّ بالرجوع لدينها و أحكام شريعة ربّها و كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله ، فلا توجد عزّة إلاّ في الإسلام و من يلهثون وراء قيم الحضارات الأخرى فلن يجدوا إلا الخسران و الضعف و الهزيمة .

و قد تكلّم الرّسول صلى الله عليه و سلم عن ما سوف يصيب الأمة حين تبتعد عن دينها و تترك الجهاد في سبيل الله حيث يتكالب عليها الأعداء من كل جانب يصوبون سهامهم نحوها تتلاقفها الأيدي و تنهشها الأفواه كحال الأكلة حين تتداعى إلى قصعتها و تكون الأمة كما وصفها النّبي صلى الله عليه و سلم حينئذٍ كغثاء السيل و قد تعجب صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالوا : يا رسول الله أمن قلّة نحن يا رسول الله حينئذٍ قال بل أنتم يومئذٍ كثير و لكنّكم غثاء كغثاء السّيل و بيّن النّبي الكريم سبب هذه الغثائية قائلا و ليقذفنّ الله في قلوبكم أعدائكم المهابة و ليقذفنّ في قلوبكم الوَهَن ، و الوَهَن هو حب الدنيا و كراهة الموت ، حيث تفتح الدنيا حينئذٍ زهرتها فيتنافس عليها المسلمون فتهلكهم كما أهلكت من قبلهم و تشغلهم عن دين ربهم فيتعلقون بها و يتمسكون بمتاعها الزائل الفاني و يتركون جهاد أعدائهم و الذود عن حياضهم فيتجرّؤ عليهم عدوهم حين يراهم كذلك فيستبيح بيضتهم و يطمع في ثرواتهم و مظاهر هذا واضحة مرئية في عصرنا الحاضر ، فالحل هو الرجوع الى ديننا و التمسك بقيمه و أوامره و شريعته و بغير هذه السبيل لن تقوم لهذه الأمّة قائمة و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .